-A +A
أحمد الحسني (مكة المكرمة)
أعاد مهرجان الحارة المكية ذاكرة عقود مضت عمن عاش وسكن تلك الحارات وتجول بأسواقها بين المدعى وسوق الليل والسوق الصغير حيث استرجع الكثيرون عهد الألفة والمحبة والتقارب بين الجيران ومزيج الاصوات التي كانت تعلو في اسواقها القديمة والتي تروج لما كان يباع والتي اندثرت في وقتنا الحالي بسبب ما تشهده مكة المكرمة من مشاريع تنموية كبيرة لصالح الساحات وتوسعة المسجد الحرام والطرق الدائرية الجديدة.


«عكاظ» تجولت داخل المكان المحاكي لطبيعة تلك الاسواق داخل الازقة التي اقيمت لصالح مهرجان الحارة المكية واستنطقت عددا من رجالات تلك الاسواق والحواري المكية القديمة.
وقال سليمان صالح ابو غلية رئيس مكتب الزمازمة الموحد انه في الحقيقة يعتبر حفاظا على التراث القديم حيث حاكى واقع مساكن مكة المكرمة القديمة وعاد بالذاكرة لخمسة عقود مضت من حياتي حيث عرضت هنا بجانب المأكولات القديمة وكذلك المشغولات اليدوية القديمة بالاضافة إلى تأصيل مشاهد الازقة والحارات.
وبين ابو غلية أن كل زاوية في هذا المكان تعبر عن الماضي وان لمكتب الزمازمة جناح خاص في المهرجان حيث تم عمل مجسم خاص لبئر زمزم يحاكي واقعه في الماضي ليسهل للزوار معرفة طريقة استخراج الماء بواسطة الدلو وكيف يتم استقبال الحجاج باسقائهم لهذا الماء المبارك عبر تقديمه في آنية قديمة حيث تترك لهم الاثر الكبير في طريقة الاستقبال، وهنأ ابو غلية كل القائمين والمشاركين على هذا المهرجان لحفاظهم على الموروث المكي القديم.
وتذكر العطار اسماعيل عبدالحفيظ مياجان توارثهم لمهنة العطارة في السوق الصغير منذ عهد الاجداد حيث كان يرافق والده منذ الصغر في تلك الحقبة من الزمن لمحل بيع العطارة مشيرا إلى انه رغم عمله كمدرس الا انه لم ينس تلك المهنة التي تعلمها من والده. وأضاف بأن الاسواق في ذلك الوقت كانت تنتعش في المواسم حيث كان موسم رمضان يأتي اهل مكة المكرمة طلبا لـ«بزارات الشوربة» وفي نهاية رمضان يأتون بحثا عن بزار الدبيازة وفي اوقات البرد يأتون كما وصف مياجان «يأتون جريا» بحثا عن السحلب حيث كانوا يسهرون الليل وهم يرتشفون «السحلب»، مشيرا إلى انه في حال هبوب البرد او المطر تجد الاهالي يلبسون «الاكوات» وفي الحج يصبح الموسم موسمh للمعمول واللبان اللامي وكانت تلك الايام جميلة ولن تنساها ذاكرة اهالي مكة المكرمة القدامى.
من جهته اوضح زهير امين فطاني ان المدعى كانت تمر به الجنائز لوجود سقف عازل عن اشعة الشمس لأن بدايته في الناحية الشمالية من الحرم بالقرب من باب السلام ونهايته بالقرب من مقابر المعلاة ويبلغ عمره قرابة القرن وهو سوق تجاري طور في العهد العثماني وقد سمي بالمدعى لأن الحاج كان يقف عنده فيرى منه الحرم فيدعو الله وكان المدعى محاطا بالمنازل والمحلات. واستطرد بأنه ولد بمكة المكرمة وعاش بها حيث كانت الالفة والمحبة بين اهالي الحارات حيث كان رجال الحارات مسؤولdن عن كل طفل في الحارة وكانوا يتشاركون في تربية الابناء ولا يمانعون حتى ولو وصل الى التهذيب مشيرا إلى ان هذه العادة تلاشت واندثرت باندثار تلك الحواري.
وتذكر عصام كنسارة ان سوق الليل هو ببساطة ذاك السوق البسيط والقديم الذي يفتح على الحرم المكي الشريف من جهة باب المروة ويمتد بامتداد ذاك الطريق المؤدي الى جهة غزة او حي غزة كما يعرف، مشيرا إلى أن السوق في صدر الاسلام كان يطلق عليه سوق الليل القديم بشعبة ابي يوسف، ويطل عليه جبل خندمة من الجهة الشرقية، وهناك تقع البقعة المباركة التى ولد فيها نبي الأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وبجانب هذه البقعة من الجهة الجنوبية يقع جبل أبي قبيس المطل على الصفا، وسبب تسميته سوق الليل يعود إلى طبائع الناس حيث كانوا لا يبدأون نشاط البيع والشراء في السوق إلا بعد صلاة العصر.
من جانبه أوضح موسى قاري ان المهرجان حاكى بمتحفه المنزل المكاوي القديم حيث نجد الدهليز والديوان في الطابق الارضي الذي كان يجلس به الضيوف والصفة التي نسميها في وقتنا الحالي.